ابحث في الموقع

قصص نجاح المكفوفين في حضرموت.. مثال حي على الإصرار والعزيمة

قصص نجاح المكفوفين في حضرموت.. مثال حي على الإصرار والعزيمة

تقرير / صبري باداكي

في محافظة حضرموت، يُعد المكفوفون مثالًا حيًا على الإصرار والعزيمة، رغم التحديات الكبيرة التي يواجهونها في مجتمع لا يزال بحاجة إلى مزيد من الوعي والدعم. ورغم تلك العقبات، استطاع العديد منهم تحقيق نجاحات ملهمة تعكس قدرتهم على تجاوز الصعوبات التي تعترض طريقهم.

وتُبرز قصص نجاح المكفوفين في حضرموت قوة الإرادة البشرية، إذ استطاع عدد منهم استكمال تعليمهم، والتدرّب مهنيًا، والحصول على فرص عمل، ما مكنهم من تحقيق الاستقلال المالي. كما ساهمت مبادرات مجتمعية في دمجهم بالحياة الاجتماعية والاقتصادية، معززةً بذلك من مكانتهم وحقوقهم.

ولا يقتصر تأثير هؤلاء الأفراد على نجاحهم الشخصي، بل يمتد ليُلهم المجتمع ككل، ويُثبت أن الإعاقة ليست نهاية الطريق، بل بداية لرحلة من التحدي والنجاح تُغير المفاهيم السائدة حول قدرات ذوي الإعاقة.

“معاناة وطموح”
يعيش في محافظة حضرموت الآلاف من المكفوفين، يواجهون تحديات كثيرة، لكنهم لا يفتأون يصعدون نحو القمم. فكثيرًا ما يصعب على الآخرين إدراك ما يمتلكونه من أفكار إبداعية وقدرات استثنائية، إلا أن عزيمتهم جعلت الجميع يتحدث عن إنجازاتهم اللافتة. وكما يُقال: “القمم دائمًا لأهل الهمم العالية”، يواصل المكفوفون في حضرموت كسر الحواجز، رافعين شعار العزيمة والإصرار والتفاني في مواجهة الصعوبات.

“المرحلة الأساسية والثانوية”
يبدأ المكفوفون رحلتهم التعليمية منذ الصف الأول الابتدائي وحتى الصف التاسع، ضمن مدارس خاصة تُدرّسهم بلغة “برايل”، وهي اللغة الأساسية للتواصل والتعلم لديهم. غير أن الانتقال إلى المرحلة الثانوية يُشكّل تحديًا جديدًا، إذ يواجهون صعوبات في الاندماج في بيئة لا يُجيد معظم معلميها التعامل بلغة برايل، مما ينعكس سلبًا على مستوى التحصيل العلمي لديهم، ويُفقدهم أحيانًا الحماسة التي رافقتهم في مراحلهم الأولى.

“مرحلة التعليم الجامعي”
أما في التعليم الجامعي، فتتضاعف التحديات. فالجامعات تمثل عالمًا جديدًا وأكثر تعقيدًا، لكن رغم ذلك، يواصل المكفوفون نضالهم، مستندين إلى دعم بعض الأكاديميين الذين يرون في تدريسهم شرفًا ومكسبًا حقيقيًا. هؤلاء الأساتذة يستحقون كل التقدير، إذ يُسهِمون في تطوير مهارات هذه الفئة وتمكينها. في المقابل، هناك من لا يُولي هذه الشريحة الاهتمام الكافي، ولا يمنحها حقوقها المستحقة، ما يُضاعف من حجم المعاناة. ورغم كل ذلك، فإن طلاب هذه الفئة يتمسكون بطموحاتهم العالية، مدركين أن النجاح في متناولهم ما داموا يملكون العزيمة والإرادة.

وقد ثبت في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أنه كان يُوكل إدارة المدينة للصحابي الجليل عبد الله بن أم مكتوم، وهو كفيف البصر، لكنه لم يكن كفيف البصيرة. في ذلك تذكير عظيم بأن البصيرة هي التي تصنع الفرق، لا البصر وحده.

“قصة نجاح”
قلّة من الناس يدركون عمق الآية الكريمة: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}. هذه الآية تضع بصمة واضحة في الوعي الإنساني، لتؤكد أن الإعاقة الحقيقية ليست في الأعضاء، بل في القلوب التي لا تُدرك قدرات الإنسان وتحدّيه للواقع. المكفوفون في حضرموت، رغم كل التحديات، يمتلكون الإرادة الكافية للوصول إلى ما يريدون، ويبرهنون يومًا بعد يوم أن الإعاقة قد تكون دافعًا للنجاح، لا عائقًا دونه.

إنهم حقًا أهل القمم، يستحقون منا أن نمد لهم يد العون، وأن نكون سندًا حقيقيًا لهم في رحلتهم نحو تحقيق أحلامهم. فالأمل يُزهر في قلوب من يُؤمنون بقدراتهم ويتحدّون الصعاب بإصرار لا ينكسر.

“ختامًا”
من خلال الدعم المستمر والوعي المجتمعي، يمكن لمحافظة حضرموت أن تُشكّل نموذجًا يُحتذى به في مجال تمكين المكفوفين، وتحقيق طموحاتهم، ومساعدتهم في تجاوز العقبات وبناء مستقبل أكثر إشراقًا لهم ولمجتمعهم.

تعليقات (0)
إغلاق